أعلنت شركة تسلا في شهر يناير عن تخفيض أسعار سياراتها الكهربائية على مستوي العالم بنحو 20% تقريبًا، في خطوة منها لتحدي منافسيها بعد أن تراجع عمليات التسليم خلال عام 2022، بالإضافة إلى توسيع معدل الخصم لديها.
يأتي هذا انعكاسًا من استراتيجية تسلا خلال عامي 2021 و2022 عندما تخطت مستويات الطلب على السيارات الجديدة مستوي العرض، هذا بالإضافة إلى تحذيرات الرئيس التنفيذي للشركة “إيلون ماسك” عن احتمالية مواجهة ركود اقتصادي ومزيد من رفع سعر الفائدة، وجاء قرار خفض الأسعار للمحافظة على معدلات نمو الشركة على حساب الأرباح.
وقد صرح “إيلون ماسك” في 2022 بأن الأسعار باتت مرتفعة للغاية ومن المحتمل أن تؤثر بشكل سلبي على الطلب، في 2022 سجل سهم تسلا أسوأ أداء سنوي في سوق تجارة الأسهم وذلك منذ إنشاء الشركة وذلك نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين واهتمام ماسك المتزايد بتويتر.
يقول المحللون أن المنافسة في صناعة السيارات الكهربائية قادمة حيث سيستجيب الجميع لتخفيضات الأسعار، وأضافوا أن تلك الخصومات قد تجعل السيارات الكهربائية في متناول العديد من الأشخاص، يمكن لمواطني الولايات المتحدة وفرنسا أن يستفيدوا من الخصومات وائتمانات الضرائب الفيدرالية التي توفرها كل من الدولتين من أجل شراء السيارات الكهربائية.
وقد أظهرت رويترز أن الأسعار التي تم تخفيضها في الولايات المتحدة قد تكون على السيارات ذات العلامة التجارية الرائدة في تسلا التي تتمثل في موديلات 3 سيدان و Model Y كروس أوفر، وقد تتراوح التخفيضات بين 6% و 20%، فعلي سبيل المثال: تبلغ تكلفة الموديل الأساسي Y الآن 52990 دولار بانخفاض من 65990 دولار، وهذه التخفيضات قبل الإعفاء الضريبي الفيدرالي الأمريكي بقيمة 7500 دولار والذي بدأ سريانه للعديد من السيارات الكهربائية في الأول من يناير والذي قد يؤدي إلى تخفيضات إلى أكثر من 30 %.
كما خفضت تسلا أسعار سيارتها الرياضية متعددة الاستخدامات كروس أوفر الفاخرة موديل X وسيارة السيدان موديل S في الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم تسلا في ألمانيا إن تضخم التكلفة المنخفض كان أيضًا عاملاً في خفض الأسعار في أكبر سوق أوروبية، في ألمانيا قامت تسلا بتخفيض الأسعار من 1% إلى حوالي 17% على الموديل 3 والموديل Y، وبالتالي سيصبح سعر الموديل Y وهو الأكثر مبيعًا الآن بنحو 44890 يورو بخصم 9100 يورو، كما تم خفض الأسعار في كل من فرنسا والنمسا وسويسرا.
يقول خبراء السوق إن هذه الخطوة يمكن أن تعزز عمليات التسليم العالمية بنسبة 12% إلى 15% هذا العام وتظهر استجابة ماسك للمنافسة المتزايدة.
خفضت تسلا الأسعار في الصين والأسواق الآسيوية الأخرى أيضًا، والتي قال محللون إنها ستعزز الطلب وتزيد الضغط على المنافسين، بما في ذلك شركة BYD التي من المحتمل أن تحذو حذوها، فيما يمكن أن يصبح حرب أسعار في أكبر سوق للسيارات الكهربائية.
بالنسبة لعام 2021 استحوذت الولايات المتحدة والصين معًا على حوالي 75% من مبيعات تسلا، لكنها كانت تنمو في أوروبا.
فقدت أسهم تسلا نحو 65% من القيمة السوقية في عام 2022
انخفض سهم تسلا بشكل ملحوظ على مدار عام 2022، بدأ سعر سهم الشركة العام الماضي حول علامة 400 دولار، منذ ذلك الحين، وصل إلى نقطة منخفضة عند 104.65 دولار للسهم الواحد، لتفقد تسلا حوالي 56% من قيمتها السوقية على مدار العام الماضي.
من المؤكد أن الأوقات الاقتصادية المتوترة لا تساعد شركة السيارات الكهربائية، ومع ذلك، فإن الاقتصاد المضطرب ليس العامل الوحيد الذي يضع ضغطًا هبوطيًا على أسعار أسهم تسلا.
إليك نظرة فاحصة على بعض الأحداث التي أدت إلى انخفاض أسعار تسلا:
1 .استحواذ ماسك على تويتر
بعد مفاوضات مفصلة، اشترى “إيلون ماسك” موقع تويتر، وعندما اشترى الشركة أصبح الرئيس التنفيذي وبدأ على الفور في إجراء تغييرات كبيرة على النظام الأساسي.
لم يكن انتقال تويتر إلى قيادة ايلون ماسك سلسًا على الإطلاق، بصفته الرئيس التنفيذي الجديد اتخذ إجراءات كبيرة لتقليص الحجم، بالإضافة إلى ذلك، انسحب العديد من المعلنين الرئيسيين من المنصة، باختصار، يخسر تويتر الأموال ويتركز اهتمام ماسك على إعادة منصة وسائل التواصل الاجتماعي إلى مسارها الصحيح.
يعد بيع أسهم تسلا إحدى الطرق التي تمكن بها ماسك من تمويل مساعيه للاستحواذ على تويتر، في منتصف ديسمبر باع ماسك حوالي 22 مليون سهم من تسلا وحقق له مكسب صافيًا حوالي 3.6 مليار دولار، ثم قام بالتغريد بأنه لن يبيع المزيد من أسهم تسلا في المستقبل المنظور، وقد أصبح العديد من مساهمي تسلا غير مرتاحين لمقدار الوقت والطاقة والمال الذي ينفقه ماسك في مشروع الاستحواذ على تويتر.
علاوة على ذلك، كثير من الناس غير راضين عن الجدل الذي يثيره على تويتر، بالإضافة إلى الترحيب بعودة بعض المستخدمين المحظورين، كما سمح ماسك أيضًا بالإفراج عن ملفات تويتر الداخلية المتعلقة بكوفيد 19 والانتخابات الرئاسية.
نظرًا للجدل الذي أُحيط بإيلون ماسك فإن الكثيرين غير مستعدين لدعم تسلا كشركة لأنه الرئيس التنفيذي، على وجه التحديد، وجد استطلاع حديث عن تفضيل تسلا انخفض إلى 10.4% في الولايات المتحدة وهذا أقل من 24.8% في شهر نوفمبر.
2 .قضايا في المصنع الصيني
في أواخر ديسمبر نشرت شركة صناعة السيارات الكهربائية تقريرًا أشار إلى أن الشركة ستعمل بقدرة مخفضة في مصنعها في شنغهاي، ويعتبر مصنع شنغهاي عنصرًا رئيسيًا في عمليات تسلا.
أثارت أنباء انخفاض الإنتاج مخاوف بشأن احتمال انخفاض الطلب الاستهلاكي، كما هو الحال مع أي شركة تواجه انخفاضًا محتملاً في الطلب، استجاب العديد من المستثمرين ببيع أسهمهم.
3 .وعود متأخرة وأخري لم يتم تنفيذها
ليس سراً أن إيلون ماسك معروف بدفع التكنولوجيا إلى الأمام، ولكن في كثير من الحالات يكون الجدول الزمني الفعلي للمشاريع المثيرة أطول من الموعود في البداية، على سبيل المثال: تم الكشف عن Tesla Cybertruck في عام 2019 مع وعود بالإنتاج في عام 2021، ومع ذلك، ليس من المقرر أن يبدأ الإنتاج حتى عام 2023.
كانت هناك مشكلة مماثلة مع Tesla Semi، كان من المتوقع أن يبدأ ذلك في عام 2019 لكن الشركة بدأت في تسليم المركبات في عام 2022.
يعد الجدول الزمني المتأخر للعديد من المشاريع المثيرة التي كشفت عنها تسلا سببًا آخر يدفع المستثمرين إلى التفكير في التراجع عن مشتريات الأسهم.
4 .اقتصاد غير مؤكد
وفقًا للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، فإن الاقتصاد الأمريكي ليس في حالة ركود حاليًا، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن الاقتصاد يعاني من اضطرابات كبيرة.
ترى العديد من الشركات أن أسهمها تتعرض لضربة مع وجود ركود محتمل يلوح في الأفق، كشركة مصنعة للسيارات من المحتمل أن تتضرر تسلا بشدة خلال فترة الركود، بعد كل شيء، لا يستطيع الكثيرون تحمل تكاليف الترقية إلى سيارة كهربائية فاخرة وسط الأوقات الاقتصادية الصعبة، فهناك قدر كبير من عدم اليقين في السوق وهو سبب آخر ومهم لاستمرار انخفاض سهم تسلا.
هل هناك نهاية في الأفق؟
بعد خسارة حوالي 65% من سعر سهمها في عام 2022، يبحث العديد من المستثمرين عن القاع، لا تخسر الشركة أكثر من 50% من سعر سهمها كل عام، ومع ذلك، لا يوجد جدول زمني لموعد انخفاض سهم تسلا.
لا يمكن لأي مستثمر التنبؤ بالمستقبل، فقد ينتعش سهم تسلا بعد قرار الشركة بتخفيض أسعار سياراتها من أجل استمرار النمو، ولكن قد يكون أمامه طريق طويل للانخفاض قبل أن يبدأ الصعود.
